صفحة من الذاكرة

صفحة من الذاكرة 

بقلم: أمل صيداوي

 

أعود بذاكرتي إلى عام 2010عندما كنت قد شاركت ببحثين في المؤتمر السابع والخمسين للوقاية في برلين، عند انتهاء المؤتمر قررت زيارة عائلة ابن عمي العزيز خلدون المقيم في مدينة بريمن. بعد شرائي لبطاقة قطار ذهبنا معاً أنا وصديقاتي اللواتي أحببن توديعي إلى محطة القطار وقررنا احتساء القهوة معاً قبل موعد القطار بحوالي ساعة، وأخذنا الحديث ونسينا أنفسنا نظرت إلى الساعة ياإلهي باقي عشر دقائق على مغادرة القطار وركضت ومعي حقيبة السفر وحقيبتي الشخصية ساعدتني صديقتي وحملت عني  حقيبة السفر. عندما بلغت القطار وصعدت إليه أغلقت جميع أبوابه وبقيت حقيبة سفري مع صديقتي. تكلمت باللغة الإنجليزية مع مفتشة القطار لتفتح لي الباب لتناول حقيبة سفري من صديقتي، إلا أن محاولاتي باءت بالفشل. قالت لي حان موعد مغادرة القطار. لدى وصولي إلى بريمن كان ابن عمي بانتظاري في المحطة وذهبنا إلى منزله حيث كان بانتظارنا زوجته وأولاده الثلاثة. حكيت لهم ماجرى لي وأن صديقتي اتصلت بي وسوف تأتي في اليوم التالي لإحضار حقيبتي . في اليوم التالي حضرت صديقتي وجلبت لي الحقيبة وكنت بانتظارها في المحطة الرئيسية التي يقع بجوارها متحف ما وراء البحار لذا قررنا زيارة ذلك المتحف.وحسب مطالعاتي عن متحف ما وراء البحار (والمنقولة والمترجمة من الأنترنيت) هو عبارة عن متحف إثنوغرافي (وصف الأعراق البشرية)، يقوم على فكرة خلق مساحة موحدة تجمع بين الأعراق والثقافات المختلفة، يهدف إلى الانغماس في ثقافات الشعوب والسفر الافتراضي الى القارات البعيدة أمريكا وإفريقيا وأوقيانوسيا وآسيا واكتشاف مساحاتها الثقافية والطبيعية الرائعة، وذلك من خلال المعارض الفريدة التي يقيمها باستخدام الوسائل التفاعلية والتقنيات التكنولوجية المختلفة. لهذا المتحف مجموعة فريدة من المجموعات في الأنثروبولوجيا الثقافية (هو فرع من الأنثروبولوجيا يركز على دراسة الاختلاف الثقافي بين البشر وهي الدراسة التي تركز على الإنسان على أساس أنه عضو في بيئة أو مجتمع له ثقافة محددة، ويجب عليه أن يقوم بسلوك يتوافق مع سلوك الجماعات الموجودة في المجتمع المحيط به، يتصف بقيمه وعاداته ويحترم نظامه ويتكلم نفس لغة قومه)، والتجارة والتاريخ الطبيعي من جميع أنحاء العالم. يعرض المتحف للزوار مجموعة غنية من المعروضات القيمة فهو يضم ما يقرب من 1,1مليون قطعة من القطع الاثريه بما فى ذلك قطع تنتمى للفن الإفريقى والنباتات الاستوائية والذهب من أمريكا الجنوبيه والتي تم الحصول عليها من مختلف أنحاء العالم من ضمنها أزياء قديمة وحيوانات محنطة وتماثيل ومنحوتات ولوحات فنية وغيرها الكثير. يأخذك متحف ما وراء البحار فى رحلة حول قارات العالم جمعياً تقريباً ويمكن القول بأن متحف ما وراء البحار هو متحف متكامل عن الطبيعة و الثقافة و التجارة و المتحف يزيد عمره عن 100 عام، ومبنى المتحف محمي بموجب قانون حماية الآثار. عندما دخلنا (أنا وصديقتي) المتحف دهشت من المعلومات المكتوبة على اللوحات الموجودة على المجسمات والصور في المتحف طبعاً الشرح موجود ولكن باللغة الألمانية التي لاأتقنها مما تطلّب مني جهداً كبيراً في الترجمة بالاستعانة بالمترجم من الأنترنيت. مثلاً حول صناعة النسيج وحضارة باراكاس في بيرو: ورد مايلي على اللصاقة الموجودة على صورة النسيج: فن النسيج وثقافة باراكاس (550 قبل الميلاد – 100 قبل الميلاد) يعتبر فن النسيج المتميز لبيرو القديمة فريدًا من نوعه في القارة الأمريكية لما يتميز به من حرفية لا مثيل لها استخدمت بيرو القديمة جميع تقنيات النسيج المعروفة في العالم القديم ، أنتج النساجون في ثقافة باراكاس كميات هائلة من البطانيات والأقمشة ذات الحجم الكبير التي نجت بشكل جيد في رمال الصحراء القاحلة على السواحل الوسطى والجنوبية.  تم العثور على حزم لا حصر لها من المومياوات في القبور ، ووضعت في سلال ضحلة وملفوفة في عدة طبقات من الأكفان الضخمة المزينة بأناقة – بعضها يصل طوله إلى 40 مترًا.  تضمنت ملابسهم أيضًا القبعات وشبكات الشعر والأحزمة وما إلى ذلك. لابد أنه كان هناك نسج متقن للموتى ، حيث لم تظهر على المنسوجات أي علامات على التآكل.  في المرتفعات ، تم غزل صوف اللاما ، الأباكا ، جواناكو ، وفيكونيا ليصبح أفضل أنواع الصوف.  عُرف 200 لون متنوعاً في بيرو القديمة ، حيث تم صبغ الخيوط والمنسوجات أو طباعتها باستخدام تقنيات معقدة متنوعة. بالإضافة إلى ذلك ، تم تزيين الأقمشة بالريش واللؤلؤ والذهب والفضة.  وحول مدينة تشانكاي في بيرو (ثقافة 1000 م  1465- م) حيث استقرت ثقافة Chancay المتجانسة نسبياً في وديان Chancay و Chillon بالقرب من ليما.  وتمت التجارة مع الشمال والجنوب ، كما مارسوا التجارة أيضًا مع منطقة الغابة إلى الشرق خلف جبال الأنديز.  أما عن المقابر فقد كانت المقابر كبيرة وتتميز مقابر الطبقة الثرية بأنها مؤثثة ببذخ كما أن الجدران الطينية مشغولة بعناية حيث يكون سطحها من الفخار الخشن بسبب استخدامهم للطين الرملي، وتتكون السقوف من حزم من القصب، ويوجد في بعض الأحيان درج يؤدي إلى القبر، كما بقيت عدة منسوجات جميلة وملونة كما هي في رمال الصحراء الجافة بما في ذلك الشاش الذي ربما كان ملتصقًا بشعر الموتى. وتواجدت في المتحف قطع ذهبية تمثل عروض نذرية (Tunjos Muisca  )  (650م 1536–م)  )التونجو هي عبارة عن مجسمات صغيرة صنعت من الذهب والفضة والنحاس. والمويسكا هي قبيلة عاشت في كولومبيا):  شاهدنا مجسمات ذهبية صغيرة لكل من زواحف كويمبايا (200 م – 1600 م) و لقلادة على شكل بشري توليما أو كويمبايا (100 م – 1600 م) وقلادة على شكل طائر جارح كويمبايا ( 200 م – 1600 م).كما شاهدنا في عرض آخر ورقة زخرفية على الأرجح كاليما (1000 ق.م – 1200 م) ، وقلادة خطاف على شكل حرف S على الأرجح كويمبايا (200 م  1600- م)، حلقة أنف كويمبايا (200 م – 1600 م ) وحلق بمشبك على الطراز الأوروبي، وقلادة على شكل طائر.

أما بالنسبة للحيوانات المحنطة: فقد شاهدنا حيوان آكل النمل الحرشفي والمدّال،والغرير، والقنفذ ،والقوارض مثل: جرذان الهامستر، ومن الطيور المحنطة: الوقواق،والبومة الطويلة الأذن،ونسر السهوب ودجاج بانكيفا والدرّاج وطائر الجنة الصغير وأنواع عديدة من الفراشات: أشهر هذه الأنواع هو عثة حرير التوت وعثة أطلس وعثة التوسة الهندية اللواتي ينتجن من شرانقهن خيوط الحرير.

وقد كتبوا المعلومات الشيقة التالية المرافقة للصور حول أشجار المانغروف بعنوان:

غابات المانغروف الاستوائية في تناغم مع المد والجزر
تسمى الأشجار والشجيرات المميزة في منطقة المد والجزر للسواحل الاستوائية ومصبات الأنهار بأشجار المانغروف.  هذا ليس مصطلحًا نباتيًا ، ولكنه مصطلح جماعي للنباتات عالية التخصص لمجتمع ما في المنطقة الانتقالية بين البر والبحر.
تزدهر أشجار المانغروف في جميع أنحاء العالم على جانبي خط الاستواء بين المناطق الاستوائية الشمالية والجنوبية في متوسط درجة حرارة مياه سنوية تبلغ 20 درجة مئوية مع تكيفات خاصة حيث تتحدى مستويات الملح والأكسجين المتقلبة باستمرار، وكذلك فترات الفيضانات والجفاف.  لم يتم التعرف على القيمة البيئية لأشجار المانغروف إلا لبضع سنوات مضت وهم يلعبون دورًا رئيسيًا في تفاعلات تدفق المغذيات بين الغابات المطيرة والشعاب المرجانية. 

كما أوضحوا بالصور والمعلومات حول زراعة جوز الهند في كليمليري ، بابوا غينيا الجديدة  وحول حصاد البطاطا الحلوة يا كيسا وحول زراعة البن في بابوا غينيا الجديدة.
وقد حصلت على معلومات قيمة من الكتابات المدونة على الصور حول أهمية استخدام العزف على الآلات الموسيقية في غينيا الجديدة ، حيث يربط العزف على الآلات الموسيقية الأحياء بالأجداد والكائنات الأسطورية،  ويجسد صوت الآلات (أبواق عرضية وطولية، مزامير ، خشخيشات ، وبراميل خشبية) أصواتهم:  يتم التأكيد على هذه العلاقة مع الأسلاف من خلال التصميم المجازي والملون للعديد من الأدوات. يخدم العزف على الطبول أغراضًا أخرى أيضًا: في جزيرة مانوس (بابوا غينيا الجديدة) ، على سبيل المثال يتم ضرب الطبلة ذات الشق الخشبي بأنماط إشارة ثابتة ومؤكدة إيقاعيًا لإيصال رسالة إلى مجموعة عائلية محددة وهذه هي الطريقة التي يتم بها الإبلاغ عن الوفيات حتى اليوم. بالإضافة إلى ذلك ، تشكل العديد من الطبول أوركسترا مصاحبة خلال الاحتفالات.

وردت المعلومات التالية حول أزهار الأوركيد الملونة والمتنوعة الأشكال: يوجد أكثر من 20000 نوع أزهار أوركيد في الطبيعة ، تشكل الأوركيد أكبر عائلة من النباتات المزهرة حيث تم تطوير المزيد من الهجن الطبيعية لديها أكثر من جميع الفصائل النباتية الأخرى مجتمعة،  وتم تصديرها إلى جميع أنحاء العالم تقريباً. الزهرة ملونة في كثير من الأحيان وهي السمة المميزة لأزهار الأوركيد.  يمكن أن يتراوح حجمها من بضعة ملليمترات إلى عشرة سنتيمترات.  تحتوي كبسولة الزهرة الواحدة على ما يصل إلى مليون بذرة. تحتاج هذه البذور الصغيرة لكي تنبت  إلى مساعدة الفطر الذي تتعايش معه. يمكن أن تكون أزهار الأوركيد أرضية نباتية تحت الأشجار. 

أما حول جزر مولوكان سبايس في غينيا الجديدة فقد ذكروا أنها هي إحدى مجموعات الجزر المجاورة في غينيا الجديدة وهي جزر الملوك الذين اشتهروا بثرواتهم الأسطورية منذ العصور القديمة. كانت تلك الجزر مصدراً للقرنفل وجوزة الطيب والصولجان وجذبت عددًا لا يحصى من الشعوب عبر “طريق التوابل”. نشأت إمبراطوريات قوية محليًا ، مثل سلطنة تيرنات وتيدور ، والتي كان الميلانيزيون أيضاً يشيدوا بها.
تطرق هوغو شاوينزلاند ، أول مدير لمتحف ما وراء البحار ، إلى جزر الملوك من خلال رحلة الجمع التي قام بها في عام 1905/06. حيث جلب الهدايا التذكارية مثل “سفينة نموذجية وأوعية مصنوعة من القرنفل لم تفقد رائحتها حتى يومنا هذا وتماثيل منحوتة من الخشب.

متعت نظري ببعض الصناعات اليدوية القديمة مثل الفخار والخزف وصناعة السلال والمطرزات والأقنعة التي كان يرتديها الإنسان القديم أثناء ممارسته لطقوسه الدينية وصناعة السفن القديمة وأدوات الصيد القديمة وحياكة لباس وأزياء الإنسان القديم ونحت التماثيل. انتشرت نماذج مجسمات لمستلزمات وطقوس العبادة لعدة ديانات (ومنها الديانة الإسلامية والديانة المسيحية والديانة الطاوية) مثل السجاد والأيقونات والسبحات والكتب والمعابد .كان ثمة مجسم صغير لضريح تاج محل في الهند الذي يعتبر من أرقى الأمثلة على العمارة المغولية، وهو أسلوب يجمع بين الطراز الإسلامي والمعماري الفارسي والتركي والعثماني والهندي.ونموذجاً مجسماً للوحات تحتوي على آيات قرآنية مكتوبة بالفسيفساء و كانت هناك معلومات وافية موثقة بصور حول ضريح ماماجي في الهند مثل: 
تتميز معابد راجاستان الهندوسية وأضرحة آلهة المنطقة بتواجدها في مناطق هندية ذات مناظر طبيعية خلابة مما يمكن للمؤمنين أن يتلوا صلواتهم في طريقهم إلى هناك.  وأوضحوا لنا أيضاً أن شعب الرايكا الرعوي هو من يعبد الإله ماما جي حيث يعتقدون أن ماما جي أعطتهم قطيعاً من الجمال. 

 وتواجدت المعلومات التالية مع صور ومجسمات للأيقونات ، الصلبان ، والمسابح حول الديانة المسيحية:

بالنسبة للمسيحيين العبادة لا تنتهي عند مغادرتهم الكنيسة.  إنهم يرون أنفسهم على أنهم يتبعون يسوع ويتبعون تعاليمه لكي يدخلوا ملكوت الله بعد الموت.  يكرس المسيحيون حياتهم كلها لله.  الوصايا العشر تحدد أفعالهم ، وخاصة الوصية بمحبة القريب،يتم التعبير عن الإيمان بالله في الصلاة.  يشبك المسيحيون كفيهم كعلامة لطاعة الله.  أهم صلاة هي الصلاة الربانية التي تلخص رسالة المسيح.  يحمل العديد من المؤمنين صليبًا صغيرًا في أيديهم عند الصلاة.  يستخدم الكاثوليك والأرثوذكس أتباع مختلف فروع الكنيسة المسيحية ، المسبحة الوردية تكريماً للسيدة مريم التي هي باعتقادهم والدة الإله. من السمات الخاصة للكنائس الشرقية الأيقونات التي يعبر المؤمنون عن تقديرهم لها. 

تواجدت أيضاً المعلومات التالية مع صور حول الديانات في الصين بعنوان: الطاوية لاو تسي والداو. 

إلى جانب البوذية والكونفوشيوسية ، تعد الطاوية واحدة من الديانات الرئيسية الثلاث في الصين ، والتي دخلت في مجموعة متنوعة من الروابط واتخذت تقاليد قديمة من المعتقدات الشعبية. يعتبر العالم الصيني لاو تسي مؤسس الطاوية الفلسفية ، التي تطورت لاحقًا مع الآلهة والطقوس إلى أسطورة لاوتسي  الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد. تم شرح عقيدة الداو ، أعلى قوة إبداعية في الكون ، في 81 فصلاً قصيرًا.  علّم لاوتسي الناس أن يعيشوا في وئام مع الطبيعة من خلال عدم التدخل في مجرى الأحداث  جوهرالطاوية هو البحث عن الخلود.

 

كما رأينا نماذجاً وأنواعاً متعددة للآلات الموسيقية الإيقاعي والوترية وآلات النفخ الهوائية لدى مختلف الشعوب

وشممنا رائحة البهارات التي تستخدمها الشعوب كل شعب على حده حيث كان يوجد جهاز مثل صندوق بداخله مختلف أنواع البهارات فنكبس على اسم نوع معين من البهارات فتتصاعد رائحتها من ثقوب تفتح فقط عند الكبس على الجهاز

تواجدت في المتحف معلومات مع صور عن الأخوين فرانز وكارل شوت اللذين استوردوا البترول من أمريكا إلى بريمن في وقت مبكر من عام 1863.  في ذلك الوقت ، كانت بريمن أكبر ميناء أوروبي لاستيراد الكيروسين ، ولكن تفوقت عليها هامبورغ في عام 1882 ولاحقًا روتردام.  أسس كريستيان أوجست كورف مصفاة للمنتجات الخاصة على نهر فيزر لمعالجة النفط الخام.  جنبا إلى جنب مع مالك السفينة Geestemünde ووكيل الشحن Wilhelm Anton Riedemann ، كان لدى Schüttes أول سفينة بخارية للدبابات Glückauf تم بناؤها في عام 1886 وفي عام 1890 ، أسسوا مع شركة John D. Rockefeller Standard Oil Company شركة Deutsch – شركة البترول الأمريكية (DAPG).  في عام 1904 تم نقل المقر الرئيسي لشركة DAPG إلى هامبورغ وبعد 50 عامًا غيرت الشركة اسمها إلى “Esso AG”.

كما تواجدت في المتحف الكثير من المعروضات الأخرى التي لم يسعفني الوقت لتصويرها وتصوير المعلومات حولها. 

اختتمت زيارة المتحف بجلسة غداء في مطعم سوري لتذيل بتلويحات الوداع بيني وبين رفيقة المشوار الممتع والمدهش.

 

 

اترك ردّاً