شنگال تُكشف عورات الجميع…! سرحان عيسى

سرحان عيسى

رغم تلك المرارة والقساوة التي حلت بشنكال وأهلها من عمليات قتل وسبي وتعذيب وحتى تشريد، كانت من جانب آخر كالغربال للكثير من السياسيين والمثقفين الذين تعرّوا بعد سقوطها عبر كتاباتهم ومواقفهم المتميعة (الرمادية) المعادية لطموح وآمال المجتمع الإيزيدي، وكذلك الحال للصمت الدولي والإقليمي المتقاعس في توفير الحماية الكافية لها ولنازحي جبلها.

إن سقوط شنكال في الأيام الأولى من الهجوم الإرهابي المنظم عليها، يتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى الحكومة الاتحادية في بغداد بسبب تبعية شنكال الإدارية لمحافظة نينوى العراقية، وكذلك المجتمع الدولي المتراخي في وضع حد لتقدم وتنامي القوى المتطرفة في المنطقة، وأخيراً حكومة إقليم كوردستان عبر إنسحاب قواتها من شنكال.

جميع تلك المسبّبات جعلت العديد من الأطراف والجهات السياسية الى توجيه أصابع الاتهام واللوم لحكومة الاقليم وحدها دون ذكر البقية، والإستمرار عن سابق اصرار وترصد بالتشهير بها وبقوات البيشمركة، غافلين بذلك إن ماحصل من تقصير مقصود أو غير مقصود من حكومة الإقليم لايبرر مايقوم به هؤلاء الحاقدين عليها، المنتهزين لفرص الانتقام منها واشهار سيوفهم المتصدئة بوجهها. وكذلك الحال لبعض الكتّاب الذين تمادوا بكتاباتهم ودعواتهم الباطلة محاولين تعبئة الشارع الايزيدي بأفكارهم المسمومة والكارثية التي ستؤدي بالمجتمع الايزيدي الى الهلاك، وهؤلاء رغم إدعائهم بإستقلاليتهم المزيفة ليسوا سوى مطبلين ومزمرين لبعض الجهات السياسية وهم وبال على المجتمع الايزيدي ويشكلون خطرا حقيقيا عليه.

بشكل او بآخر إن ماحصل ويحصل في شنكال، يتحمل نتائجه كافة الأطراف السياسية والحزبية وحتى الشريحة المثقفة الكوردية والإيزيدية، فشنكال بعد سقوطها كانت بحاجة الى تلك الشريحة أكثر من حاجتها لمن يدافع عنها بالسلاح، فالبعض سارع بالدفاع عن ما تبقى منها تاركاً خلفه قلمه، ومنهم من إختار لقلمه سلاحاً في وجه المسؤلين عن حدوث تلك الفاجعة، فكلماتهم كانت لها وقعاً وتأثيراً أكثر من صوت الرصاص نفسه، فالأقلام في بعض الأحيان لا تقل خطورةً عن السلاح. والبعض الآخر ذهب لينتقد المجلس الروحاني وعلى راسهم سمو الامير والعديد من الشخصيات السياسية الايزيدية المعروفة وكانهم المسبب الأول عن تلك الفاجعة، متناسين أن الشريحة المثقفة من مهامها معالجة القضايا الانسانية ولها من المسؤوليات ما على المجلس الروحاني بل وتتعداها في بعض الأحيان.

كذلك كان الحال لدى بعض المثقفين والكتاب الكورد، فالكثير منهم أصبح يراهن على كردية الإيزيدييين، ناسياً حجم المعاناة التي يعانوها في تلك الجبال أو في المخيمات أو حتى في الشوارع، وناسياً ايضاً أن كلمة الإيزيدية تعني مضموناً تاريخ الكورد جميعاً، ولا حاجة لبراهين أو أدلة تثبت أو تعطي الشرعية لتاريخنا العريق.

إن الدماء التي تراق اليوم في شنكال، لن تذهب هدراً وهي في رقابنا جميعاً والمسؤولية تقع علينا بلا استثناء، لذلك يتوجب علينا تقديم ما يمكن تقديمه من قوى بشرية ومادية للمساهمة في الدفاع عن شنكال ، ومتابعة النضال لتحقيق الإنتصار على القتلة.

أخيراً علينا إدراك خطورة الوضع الحالى وحقيقة التهديد العرقي والديني للكورد عامةَ والإيزيديين خاصة، فبين البوصلة الحزبية المسيطرة على غالبية المثقفين والكتاب الكورد والإيزيديين، وبين البوصلة السياسية نفقد بوصلتنا الانسانية ومعها قد نفقد شنكال أمد الدهر، وهذا ما لن يتحقق لو قمنا كشريحة مثقفة لها تأثيرها المباشر على المجتمع بالتحرر من إنتماءاتنا وولاءاتنا السياسية والحزبية التي عليها أن تنصهر في وقت الشدائد والمخاطر المحدقة بنا، فنحن بأمس الحاجة إلى التوحد والاجتماع والتآلف وتوحيد الصف وجمع الكلمة فالتوحد هو في ذاته انتصار، لو استطعنا أن نتوحد فنحن منتصرون.