مثال سليمان

إلى: الحزن الذي لا يمضي، الحب الذي ينبت في القصيدة، البلاد التي عمّها الخراب والعشّاق الذين يرتبون الطريق للتيه.
كفكف دموعَكَ يا گابارُ، واعتصرْ
ما تبقّى من صبرٍ، فالزمانُ قد انكسرْ
خاتونُ تستصرخُ الغيماتِ، ظامئةً
وأنهارُها في الأسرِ، كالرّيحِ في القبرِ
أنّى اتّجهتَ، ترى في الأفقِ طيفَها
جُرحًا يناجي، وصوتًا في المدى اندثرْ
يا فارسَ الأحلامِ، كيفَ دَهَتكَ أُمّةٌ
تهدرُ دمَ الشهيد، والخوفَ تنتظرْ؟
خاتونُ يا نبعَ الضياءِ، أيا وطنًا
كانت يداكِ قصائدًا للحقِّ والظفرْ
ما بالهم يا خاتونُ غدوا رمادَ صدى
صوتٍ قديمٍ، تلاشى آنَ استترْ؟
گابارُ، كيفَ تُهادنُ الريح، واللظى
أمسى على خدِّ الليالي جمرةَ الشّررْ؟
كانوا هنا، حاملي نارَ الجحيمِ لنا
وشقّوا إلى قلبِ الطهرِ ما انحسرْ
يا ويلَ هذا الكونِ، باعوا مَجدَهُ كذبًا
فصارت الكفوفُ العُراةُ أذرُعَ الغُدرِ
هل تُدركُ الأرضُ، أن الإنسان قد بُتر؟
وأنّ صوتَ الحق قد تاهَ واندثرْ؟
قفْ، لا تُسائلْ في العلوم مآلَها
فالعلم صار عَدمًا، والشعرُ قد هُجرْ
ما عادَ للحرفِ معنى في غيابهِ
إنّ الذي كان حلمًا، بات يحتضرْ
ولكنْ أيا گابارُ، أوقدْ عزمكَ الباكي
واكتبْ لخاتونَ ملحمةً، بها القدرْ
قلْ: لن أعودَ، ولن أسلّمَ رايتي
لو ظلّ جسدي رفاتًا، أو علا الحجرْ
فالحقُّ ما زالَ في الأرواحِ مشعلَهُ
يُحيي الجياعَ، وإن طالَ الأسى دهرْ
هذي خاتونُ في عليائها، حُلمٌ
يُضيءُ، رغمَ الفناءِ، ليلًا بلا قمرْ
فاحملْ جراحَك يا گابارُ وانطلقْ
فالنصرُ يولدُ يومَ يُنقشُ في الصخرْ