طيفك حيث لا يُمحى

مثال سليمان

كلُّ شيءٍ يذكِّرُ القلبَ فيكَ
الشِّعرُ والأدبُ المُصفَّى لديكَ

والقهوةُ المُرَّةُ تُحيي وجيعي
ما كنتَ تهواها، ولكن أتيكَ

والموسيقى التي هجرتَ رُؤاها
أسمعُها، تنزفُ النَّوحَ فيكَ

وصُوَرُ النِّساءِ التي كنتَ تخطبُ
ظلًّا بها، فصارت اليومَ فيكَ

والخريفُ بمزاجهِ المتأرِّجِ
ريحٌ تمرُّ بعريهِ في يديكَ

والشجرُ العاري كجسدٍ نحيلٍ
كالشَّاهدِ الخاشعِ فوقَ ثراكَ

والقمرُ الصامتُ في هدأتهِ المُرّةِ
يرنو مهيبًا إلى ذكراكَ

والسماءُ الثقيلةُ بالغيومِ
كالصَّفيحِ في مقلتيهِ أراكَ

والعصافيرُ حين تغفو هنيةً
ثمَّ تصحو فتنعقُ نحوَ فُكاكَ

والغربانُ التي تملأُ الأفقَ صوتًا
وكأنّها تنعي إليّ هلاككَ

كلُّها في تفاصيلها تشبهُ الطيفَ
وأنتَ الطيفُ الذي لا يُنساكَ

أرسمُكَ مثلَ الوهمِ فوقَ ورودي
ثمَّ أمحوكَ كي أهربَ من رؤياكَ

أمحوكَ آلافَ المرارِ فتأتي
يا لَوهْمٍ لا يموتُ بعينيكَ

ثم أوقِّعُ عوضَ اسمي أسىً
في لوحتي، فأنتَ الحرفُ في معناكَ

كيف أنسى؟ والقلبُ أضحى أسيرًا
فيكَ يُرددُ لوعةً لنداكَ

كيف أنسى؟ وأنتَ آيةُ وجدي
ما محاها سوى موتٍ يغيبُ دماكَ