امرأة شهية كالملح

عثمان حمو

عندما قرأت كتاب وجهها
لأول مرة،
قلت في نفسي: هذا آخر ما يمكن أن يصل إليه الحبر
في سموه و ترفه،
و آخر ما يمكنه الشعر ،أن يصل
إلى عتبة نوره
آخر ما يمكن لمسه بالحرف قبل اندثار اللغة.
فتمنيت أن أكون رساما
أرسم في اليوم ألف لوحة مقلّدة
لوجهها، أهديها للمارة في شوارع المدن.
قلت في نفسي: كيف لم تحصل أمها
على جائزة نوبل، للإنجاب.؟
ركضت خلفها ألملم الظل
كي لا يدوس عليه المارة،فيتألم العشب في البرية
كي لا تتألم البراعم على الاشجار
كي لا تتألم أزهار الياسمين على سياج المنازل
عندما قرأت كتاب وجهها
لأول مرة،
قلت في نفسي: إلهي ، أهكذا شهي
هو الغرق.؟
أهكذا هو الموت حين يتحول الضوء
إلى ذهب مذاب، يسيل على جسدي
نهر ذهب.؟
كيف لإمرأة بعيدة كغيمة
أن تسكنني طوال الوقت برعونة واثق
تقيس نسبة الكحول في دمي.؟
كيف لإمرأة بعيدة كغيمة
أن تتحكم بغرف روحي
غرفة ،غرفة
و تربي اسراب الحمام في دمي
ترشّ لها القمح
و في الليل يغفو القمر على وسادتها
وهي بعيدة كغيمة.؟
إذا عشقت،
فأعشق إمرأة شهية كالملح
إعشق إمرأة لإبطها
رائحة موج البحر
و لثديها، رائحة الكمأ الطازج
و لسرّتها رائحة وجه الرضيع
إذا عشقت،فأعشق
إمرأة، تشبه السفينة
و إذا تعب العشق، فأقتله واقفا
كالحصان المكسورة ساقه
و لا تتركه حتى يموت،و هو يزحف.
إذا عشقت،فأعشق
إمرأة تشبه السفينة
تبحر بك في محيط بلا شواطىء
بلا أسئلة، بلا بوصلة،بلا يأس، بلا شك،بلا تفسير، بلا خريطة
فقط
بحر و قبطان و سفينة.
عندما قرأت كتاب وجهها
لأول مرة،
اكتشفت،
كيف يمكن للمرء ان يعيش دون ان ينتفس
فالتنفس عادة قديمة، يتقنها الجميع.
عادة كسولة نمارسها منذ الولادة حتى الآن
إذا عشقت،فأعشق
إمرأة تمتلىء بها من أخمص القدم
حتى فوق الجبين
تمنحك الهواء بلا هواء
أعشق إمرأة شهية كالملح
حرة
كسفينة.
رحيمة
كقاتل خيل.؟!

اترك ردّاً