القصص القصيرة . أمل صيداوي

 
لا تحكم على أحد من ظاهر ما تراه منه
 
كانت متهمة بالكفر
لأنها غير محجبة ولم تحاول أن تدافع عن نفسها لأنها تحترم المحجبات وتعتبر الحجاب
حرية شخصية لاينبغي لأحد أن يعتدي عليها او ينتقص من شأنها
. لكن
سكوتها أتعبها كثيراً فقد وصل بهم الأمر لبعض زملائها في العمل إلى تحميلها
مسؤولية خلع حجاب زميلتها فقد اتهموها بأنها هي من أقنعت زميلتها بخلع الحجاب وهي
التي لم تسأل زميلتها لماذا خلعت الحجاب، لكنها علمت فيما بعد أن زميلتها أرادت
التقرّب من شخص لايؤمن بالحجاب لذا خلعته وهذا ماكشفته الأيام فيما بعد حين تزوجت
زميلتها من ذاك الشخص. أما التهم الأخرى فهي أنها كانت تسافر بحكم عملها البحثي
بمهمات لأخذ قراءات على تجاربها الحقلية وفي رأيهم أنها لايجوز لها أن تسافر.
برهنت الأيام فيما بعد على صحة ماتقوم به إذ كسبت احترام الجميع بسلوكها
واستقامتها وإخلاصها لعملها كما أن معظم المحجبات صرن يسافرن مثلها في مهمات بالعمل.
لقد حافظت على إيمانها برب العالمين ولم تتزمت أو تنزوي في قوقعة بحجة التدين
وبنفس الوقت كانت تصوم وتصلي وتقرأ القرآن الكريم الذي يعطيها الإحساس بالسكينة
والطمأنينة وراحة البال والأمل بغد افضل. وهي تقول اليوم للجميع: لاتحكموا على أحد
من ظاهر ماتراه منه

 

سائق متهوّر

 تأخرتْ خمس دقائق عن الحافلة المخصصة
للموظفين في مكان عملها  فركبت سيرفيس يوصلها لموقف باص كي تركبه للذهاب إلى
عملها وعند مغادرتها للسيرفيس لم ينتظرها السائق حتى تضع قدميها على الأرض بل تابع
السير فوقعت على الأرض وصرخت من الألم ولم تستطع الوقوف على قدميها حتى امتدت يد
ساعدتها على الوقوف كان الألم شديداً في كاحل قدمها لذا أوقفت أول تكسي شاهدته
للعودة إلى منزلها. قال لها سائق التكسي لقد رأيت سائق السيرفيس كيف أقلع
بالسيرفيس ولم ينتظرك حتى تضعي رجليك على الأرض هل تريدين ان ألحقه؟ فأنا شاهدٌ
على ماحدث. أجابته بالنفي وأردفت
: أريد العودة إلى
منزلي وأعطته عنوان منزلها فأوصلها عندما غادرت السيارة شعرت بالألم يزداد في
قدمها اليمنى وبالكاد صعدت الدرج لتصل إلى منزلها الكائن في الطابق الثالث. دلفت
للمنزل ثم أيقظت زوجها وحكت له ماحصل فلبس ثيابه مسرعاً وأخذها لطبيب عظمية الذي
فحص قدمها وصوّرها بالأشعة وقال أنه حالياً ينبغي إزالة الورم بكمادات باردة تحتوي
ماء مثلج لتقليل الألم والتورم وشخّص الحالة: تمزق أربطة وعندما يخف الورم سوف
يلزمها جبيرة لأنه من الممكن أن يتحول إلى كسر في حال لم يوضع لها جبيرة ووصف لها
مسكنات ودواء (مضاد وذمة ) ثم عادت إلى المنزل برفقة زوجها. حضرت والدتها عندما
علمت بما حصل ووضعت لها كمادات  باردة بينما كانت تصرخ من شدة الألم .بعد
يومين عندما خف الورم أخذها زوجها لعند الطبيب الذي قام بتضميد كاحلها حتى الركبة
بالجبيرة قضت أسبوعين في المنزل ثم قام الطبيب بفك الجبيرة

 

رحلة لملاقاة الأحبة
ذهبت في رحلة إلى بحيرة وركبت قارباً جدّفته بنفسي فجأة تسرّب الماء
إلى القارب عبر ثقب فيه عندها خفت كثيراً وارتبكت مددت يدي إلى الماء في القارب
كان عكراً أسود اللون لكن ماإن نظرت إلى السماء حتى أحسست بأنني قد حُملت عبر
الأثير إلى حديقة رائعة فيها أزهار متنوعة الأَلوان وقفت أتأمل جمال الأزهار
والفراشات والعصافير ثم رأيت هناك حفرة على مقاسي تابعت سيري لأصل مرة أخرى إلى
ضفاف نفس البحيرة التي كدت أغرق فيها ووجدت جذوع أشجار جلست عليها أتأمل جمال
البحيرة وصفاءها فجأة جاءني طيف أبي وأخي من العالم الآخر يمشيان فوق بساط سندسي
أخضر  في بستان فيه كل مالذ وطاب من نخيل وأعناب وزرع سماؤه صافية يمتلئ
الكون برائحة وروده التي وصل طيب عبيرها إلى أنفاسي يجري فيه نهر مياهه صافية
كمرآة تعكس مافي قاعه من أسماك وأعشاب بكيت باسطة راحة يدي كي أصافحهم لكني لم
أستطع كان هناك حائط شفاف يحول بيننا تجمّعت دموعي فأضحت شلالاً ذهبياً عَبَر
الحائط واستقر بقرب أبي وأخي وقف كلاهما يتأملان مياه الشلال المنسابة من أعلى
الجبل تنسكب إلى الأرض بابتسامتيهما التي أضاءت وجهيهما بدا كل منهما في أوج شبابه
وبهائه وجماله المنقطع النظير. عندما التقت أنظارنا وضعت راحتي يدي على الحائط
الشفاف الذي يفصل بيننا فوضع أبي راحة يده اليمنى من جهته على الحائط الشفاف فوق
يدي اليمنى ووضع أخي راحة يده اليمنى من جهته فوق راحة يدي اليسرى. عندما أحسست
بأنهما سعيدان عدت إلى حديقتي فوجدت الأزهار والأقحوان والرياحين قد نمت وتفتحت
فوق قبري الذي تمت تسويته فأيقنت بأن أجلي لم يحن بعد
.

 

مت ثم بعثت من جديد
مت ثم بعثت من جديد حيث وجدت نفسي في غابة استوائية فيها الكثير من
الحيوانات المفترسة لكنها عندما كانت تقترب مني كانت تلاطفني وكأنها تعرفني منذ
زمن طويل. مشيت أبحث في الغابة عن منزل يؤويني لكي أقضي فيه ليلتي. لدى دخولي إلى
المنزل الذي عثرت عليه وجدت فيه صياداً شرساً يضرب زوجته الشديدة النحول والشحوب
ويؤذيها بالكلام القاسي وهي مستسلمة لمصيرها لاتدافع عن نفسها، وطفلاً مريضاً يصرخ
من الخوف والجوع والعطش، عندما سألت الصياد لماذا تضرب زوجتك؟ هل هي إنسانة سيئة؟
أجابني بأنها ليست سيئة لكنه يضربها بحكم العادة لكي تظل تحترمه وتخاف منه. عندما
استيقظت من نومي كانت وسادتي مبتلة بالدموع وكان جميع أفراد أسرتي ملتفون حولي
يتساءلون عما ألمّ بي. قلت لهم باختصار: إن الوحوش المفترسة تمتلك صفات إنسانية
أكثر من البشر.
 

 

مشفى خاص!!!!
رفعت ندى هاتفها المحمول وعندما سمعت المكالمة تراخت يداها وصرخت
باكية: أمي أصيبت بحادث مروري وأحست بالانهيار . ماهي إلا ثواني إلا وشعرت بيد
صديقتها الغالية تمتد لتسندها وأخذت منها السماعة وسألت في أي مستشفى؟ فأجابوها.
غادرت ندى مكان عملها وركبت سيارة تكسي مع صديقتها وتوجهتا باتجاه المشفى. هناك
شاهدت والدتها ممددة على سرير الإسعاف وقد كسر معصمها مما توجب إجراء عملية فورية
وكان هناك شِعْر في حوضها . انتظرتا حوالي ساعتين ولكن لم يأت الطبيب ومن فرط ألمها
وغضبها طلبت مقابلة مدير المشفى الخاص الذي قال لها ينبغي دفع عربون فأجابته سوف أدفع
وسألته ماالمبلغ؟ فأجابها. تألمت كثيراً لأنهم لم يخبروها مباشرة عندما وصولها
للمشفى مع أنها عرّفت على نفسها عند وصولها للمشفى تاركين والدتها تعاني من آلام
شديدة. ركضت ندى باتجاه صديقتها كان بحوزة ندى أقل من ثلث المبلغ فأجابتها صديقتها
سوف أسدد الباقي. عندما سددت ندى المبلغ المطلوب باشروا بإجراء العملية لمعصم
والدتها

 

وداعاً
جمعت حاجياتها وحزمت حقيبتها ومضت في
طريقها…كانت حازمة في قرارها..لاعودة أبداً ولاأسف..  بعد أن وهبته ثقتها
وحبّها ….خانها مع امرأة أخرى….وشربت كأس العلقم في صبرها وتحملها…سوف تبقى
الذكريات صفعات على جدار ذاكرتها…وداعاً لمن غزا وجدانها وقلبها ولم يحافظ على
حبها
….

 

مد يديه يناجي طيفها ….هل هناك أمل بعودة المياه إلى مجاريها؟ كان
يحس بذنبه وبأنه خدع المرأة التي أحبها في يوم من الأيام… من كان يظن أنها ستغفر
له خيانته وستصفح عنه….وداعاً أيتها الزوجة الوفية والرقيقة.. لقد فقدتُ أعز
وأنثى وأطهر حبيبة
.

 

صحن كنافة نابلسية
قبضت راتبها الوظيفي من الصرّاف الآلي وعندما
أصبحت قريبة من محل الكنافة النابلسية تتابع شريط الذكريات الذي حفظته في قلبها
وأمَدّته بوقود المحبة والحنان. عندما كانت طالبة في المرحلة الابتدائية
والإعدادية كانت ترافق والدها بعد الظهر إلى مكتبه المحاماة حيث تأخذ كتبها
المدرسية معها وتذاكر دروسها هناك إلى أن ينتهي دوامه فيدعوها ليأكلا معاً صحن
كنافة نابلسية. دخلت إلى محل الكنافة وطلبت صحن كنافة وماإن باشرت بالأكل حتى شعرت
بغصة وبأشواك تملأ حلقها
. انحدرت الدموع من
عينيها ولم تستطع ابتلاع لقمة من الصحن فتركت المحل وخرجت لاتلوي على شيء لأنها
أحست أنه ينقصها صحبة أبيها الذي توفاه الله تعالى منذ عقد ونيّف.

 

افتروا
عليها
افتروا عليها ونقلوا إلى زوجها( الذي
صدّقهم) كلاماً كاذباً لم تقله عن أحد أقربائه، رفعت يداها إلى السماء ودعت عليهم.
فوجئت بعد حين بأنهم اصيبوا بأمراض عضال أدت إلى وفاتهم
.  

 

ودّعته

في إحدى أيام الشتاء المكفهرة المظلمة ودّعته وتركت مفتاح قلبها معه،
ومشت لاتنظر خلفها. مضى هو وعيناه م بظلها. لم يتوّج حبها بالزواج لأن ظروفه
في غاية الصعوبة لم يستطع أن يعدها بشيء مضى يبحث عن عمل يليق به كإنسان متعلم
عندما لم يجد عملاً قرر الهجرة إلى بلد اجنبي. تذكرها في غربته أحس بقلبه ينبض
بحبها حاول نسيانها لكن حبها كان وشماً يستحيل محيه من وجدانه كانت جوهرة يستحيل
التنازل عنها
. عندما قرر
الارتباط بحبيبته أخبروه بأنها ماتت

 

وقف العصفور قبالتي 

وقف العصفور قبالتي يستمع إلى حديثي وأنا أتواصل
معه، لم يخف مني كما هي حال العصافير في بلادي. وبقيت أسأله  وهو يومئ إلي برأسه وكأنه يتواصل معي. قلت له أنت
جميل ورائع وأنا أحبك كثيرأً. هل تبحث عن أهلك؟ إنهم بالقرب منا لاتخف لن تكون وحيداً
. الأم الحقيقية لاتتخلى عن أبنائها. أخذ يقترب مني رويداً رويداً فسألته هل أنت جائع؟
أنا آسفة ليس لدي شيء أطعمك إياه. عد إلى عشّك هناك ستجد أبويك بانتظارك. استمع العصفور
إليّ حتى نهاية حديثي ومن ثم رضخ لمشيئتي مودعاً وكأنه يقول لي : الحال من بعضه أنا
وأنت كل منا ينتمي لأسرة يحبها ويشتاق إليها ولكن الظروف تحكمنا ليس باليد حيلة. أحببت
زيارتك لي أيها العصفور قبلاتي لك لأنك استمعت إلي بصبر لاحدود له أشكرك جزيل الشكر
لأنك أحييت في نفسي أمل اللقاء مع الأحبة.

 

جمعت حاجياتها وحزمت حقيبتها

جمعت
حاجياتها وحزمت حقيبتها ومضت في طريقها…كانت حازمة في قرارها..لاعودة أبداً
ولاأسف..  بعد أن وهبته ثقتها وحبّها ….خانها مع امرأة أخرى….وشربت كأس
العلقم في صبرها وتحملها…سوف تبقى الذكريات صفعات على جدار ذاكرتها…وداعاً لمن
غزا وجدانها وقلبها ولم يحافظ على حبها
….
مد يديه يناجي طيفها ….هل هناك أمل بعودة المياه إلى مجاريها؟ كان
يحس بذنبه وبأنه خدع المرأة التي أحبها في يوم من الأيام
من
كان يظن أنها ستغفر له خيانته وستصفح عنه….وداعاً أيتها الزوجة الوفية
والرقيقة.. لقد فقدتُ أعز وأنثى وأطهر حبيبة.

قصة ضياع محفظة

 

أواخر شهر ديسمبر البرد شديد لكن عليهما السفر
لأنهما قلقين جداً على ابنتهما التي ولدت ولادة مبكرة. استقلا الحافلة التي
تنقلهما من المدينة التي يقيمان بها إلى المدينة التي تقلع منها الطائرة. القلق
يعصف بهما والخوف يسود أفئدتهما بعد إجراءات التفتيش الروتينية استقلا الطائرة
وحاولت الزوجة المطالعة لكي تنسى هواجسها. أخرجت محفظتها من حقيبة يدها لأن
المضيفة أصرّت على وضع حقيبة اليد في الخزانة العلوية بالمقصورة. في نهاية الرحلة
وعند نهاية الرحلة لدى وصولهما إلى المطار المنشود اتى صهرهما ليقلّهما إلى
المدينة التي يقطن بها مع ابنتهما. في صباح اليوم التالي قاموا جميعاً بزيارة
ابنتهما في المستشفى ودخلوا غرفة الحضّانات لرؤية الحفيدة الغالية على قلوبهم.
عندما عادوا للمنزل تفقدت الأم محفظة نقودها التي تحتوي على الهدية التي جهزتها
بمناسبة الولادة(مبلغ من المال كنقوط)  ونقود لتشتري بها كل ماتحتاج إليه
أثناء وجودها في تلك البلدة.بحثت كثيراً ولم تجد المحفظة بحثت عنها طويلاً في كل
مكان وعبثاً لم تجد شيئاً حكت لزوجها وصهرها واتفقوا ألا يقولوا شيئاً لابنتها
التي لايريدون إزعاجها، ثم تذكرت أن محفظتها كانت في حضنها وهي على متن الطائرة
والأرجح أنها وقعت على الأرض من دون أن تشعر. اتصل صهرها بالمطار فطلبوا مواصفات
المحفظة فأعطته المواصفات. بعد أربعة أيام من القلق والخوف أجابوهم بأن المحفظة
موجودة لديهم وأنه بإمكانها استلامها حين مغادرتها. وهذا ماحصل فعلاً، حين
المغادرة استلمت محفظتها التي أعطت مواصفاتها للموظف بشكل دقيق، لم ينقص شيء من
المحفظة. شكراً للمضيفات الأمينات وللمضيفين الأمناء الذين كانوا على متن تلك
الرحلة
.

 

امتحان عسير 

عانت كثيراً في طفولتها وشبابها من أبيها المدمن
على الكحول ومن الخلافات الشديدة بين أمها وأبيها، وتوجّب عليها تحمّل مرارة
الحياة مع والديها الغير متفاهمين اللذان كرهتهما كما حقدت على والدتها المتدينة
التي لم تشأ أن تطلب الطلاق من والدها. عملت والدتها الطيّبة عاملة في أحد المصانع
لكي تصرف على المنزل. عندما تزوجت وأنجبت ساعدتها والدتها بتربية بناتها بكل طيبة
خاطر. مرّت الأيام وتوفي والدها الذي كتب لها في وصيته جميع أملاكه
. بقي حقدها الأعمى على والدتها فلم تتحملها في كبرها ووضعتها في
دار للمسنين رغم أنه كان بإمكانها رعايتها في منزلها. بعد وفاة والدتها بدأت تعاني
من آلام شديدة في عظامها وازدادت آلامها ولم تعد تستطع النوم أثناء الليل شخّص
الأطباء مرضها بسرطان العظام. هاهي تمر بامتحان عسير من الصعب بمكان اجتيازه بنجاح
.

 

كان وحيدها

 

كان زوجها يحبها كثيراً فهي في نظره الملكة
المتوجة وأم أولاده وقد أنجبت له أربع بنات ثم أنجبت صبياً لكي تسعده وتسعد عائلته
بالطفل الذكر. توفي الأب بجلطة قلبية وتوجّب عليها إعالة أولادها الخمسة ولحسن
الحظ أنها كانت تعمل كمدرّسة وقد ترك لها زوجها منزلاً كبيراً ومبلغاً من المال
لايستهان به
. اعتنت بأولادها
فأكملوا جميعاً تعليمهم الجامعي كان لديها عيب واحد ألا وهو شخصيتها القوية وحبّها
التحكّم بكل شيء. زوّجت بناتها وبقي ابنها الشاب الذي أنهى للتو تعليمه الجامعي.
أسرّ لها ابنها بحبه لابنة الجيران وأنه يريد أن تخطبها له فأجابته بأنها غير
جديرة به وبأنها سوف تبحث له عن فتاة جميلة ومتعلمة وابنة عائلة فأجابها بأنه
لايريد غيرها زوجة. مضت الأيام والشاب ينتظر من والدته أن تغيّر رأيها بلا طائل.
وفي أحد الأيام سمعوا طبلاً وزمراً في حيّهم خرج الشاب إلى شرفة منزلهم ليستطلع الأمر
فرأى عراضة لعرس. اتصل الشاب بجاره وسأله عرس من هذا فأجابه إنه عرس ابنة جيرانهم
التي كانت ولسوء حظه هي نفس الفتاة التي كان ومازال يحبها. اسودت الدنيا في عينيه
وجلس يبكي حظه العاثر. استيقظت الأم صباحاً وأعدت الفطور ونادته ليشاركها فيه ولكن
مامن مجيب. قرعت باب غرفته ودلفت إليها ولم تجده في الغرفة كأنه لم ينام في فراشه.
نظرت إلى مقتنياته الشخصية فوجدتها كما هي
: شهادته الجامعية وجواز سفره وهويته الشخصية وحتى حقيبة السفر. اتصلت
ببناتها وسألتهم فيما إذا كان أخوهم عندهم فاجابوها بأنه لم ياتِ لعندهم ذهبت إلى
مخفر الشرطة وبلّغتهم عن فقدانه. بحثوا عنه في كل مكان في محطات الباصات في
المستشفيات وفي المطارات وعلى الحدود ولم يجدوه. لقد جنَت الأم على وحيدها بعنادها
وإصرارها على عدم خطبة الفتاة التي يحبها كما جنت على نفسها لأنها خسرت ابنها
الوحيد الذي تحبه إلى الأبد، وجنى الشاب على نفسه بخوفه وتردده من الإقدام على
الخطبة لوحده. هاقد مضى على اختفائه ثلاثون عاماً ولم يظهر له أي أثر حتى الآن
ومازالت أمه تبكيه بحرقة حتى يومنا هذا.
.

 

تبلع الموس على الحدّين 

هي قريبتها وقريبة زوجها من بعيد لكنها تختلف
عنها في الطباع : حقودة تافهة مفترية تفرض آراءها على الغير تتحيّن الفرص لإيذاء
أقرب الناس إليها يهابها زوجها ويحسب لها ألف حساب. أما المرأة الأخرى فهي مسالمة
طيبة ولبقة وقد حاولت تجنّب قريبتها الشريرة السيئة لأن القرابة معها أصبحت مزعجة
وحافلة بالمطبات والآلام. وصلت الأمور بتلك القريبة إلى حد الافتراء على تلك
المرأة الطيبة والإيقاع بينها وبين زوجها. جلست المرأة مذهولة تحرقها نار الألم
والحزن لأن زوجها صدّق كل كلمة من افتراءات قريبتهما وانحاز لها رغم حلفانها وتأكيدها
له بأن كلام قريبته غير صحيح. أتترك زوجها وأولادها وتغادر منزلها ام تبقى
“وتبلع الموس على الحدّين؟”. أخيراً عزمت على البقاء مع زوجها للحفاظ
على أسرتها
.

 

  حكاية الجدة أمل

حكاية لحفيدتيّ أماليا وأمل- نزهة اليوم-

في نزهة اليوم على شاطئ البحيرة خاطبت البطات
بعضهن البعض أن وقت الاستراحة والقيلولة قد حان واستماحوني عذراً بألا ازعجهم، ثم
نهضوا من قيلولتهم ووقفوا يتأملون الكون بعد ذلك دعوا بعضهم البعض للسباحة.كما
سبحت البجعة مع زوجها وفرخها الصغير ثم أخذت تلتقط الأسماك لإطعام فرخها بعد ذلك
استدار الأب ليبحث عن رزقه مودعاً فرخه ثم تبع الفرخ والدته لأنه لايستطيع تركها
وقال لها أحبك ياأمي. أما العصافير الصغيرة فقد طارت وتركت عصفوراً وحيداً يبحث عن
أصدقائه وبقربه حمامة تبحث عن صديقاتها. في طريق عودتي كانت شقائق النعمان تناجي
النهر وتقول له ماأجملك اليوم وتمازحه قائلة له : ألن تزورنا اليوم أم أنك
لاتستطيع تغيير مجراك؟ ويجيبها النهر يكفي أننا قريبان من بعضنا البعض وهذا مايدخل
السعادة إلى قلبي. تابعت سيري ووقفت أتأمل الورود التي خاطبتني قائلة: أتمنى لك
نهاراً سعيداً. خاطبت زهرة جارتها قائلة أنا سعيدة بجيرتك بينما أشرقت أزهار أخرى
مبتسمة وسعيدة بهذا اليوم المشمس

 

حضانة
في مكان العمل

 

طالبتْ بحضانة في مكان عملها بناء على نص قانون
يقتضي بأنه إذا كان بالمنشاة أكثر من 15 طفل لأمهات موظفات فإنه يحق لهم إنشاء
حضانة وذلك بناء على نصيحة والدها المحامي. هناك في نفس الموقع الذي فيه وظيفتها
كان يوجد منشأتين تابعتين لنفس الوزارة التي تتبعها المنشأة التي تعمل فيها وقد
وافقت النقابة المعنية بالأمر على طلبها لكن بقي عليها أخذ موافقة مدراء المنشآت
أولاً ثم الاتفاق مع أحدهم أن يعطي غرفتين من مكان عمله لتأسيس حضانة للأطفال.
تطلّب منها ذلك مقابلتهم واحداً تلو الآخر. سألها المدير الاول
: هل لديك أطفال؟ اجابته أنا مخطوبة ولم أتزوج بعد ليس لدي أطفال
قال لها
: ومن المحتمل أيضاً ألا ترزقي بأطفال
بعد زواجك   ليس لك إذاً مصلحة في إنشاء حضانة فأجابته انا لاأفكر في
نفسي بل أفكر بالأمهات العاملات اللواتي يحتَجْن لحضانة يضعون فيها أطفالهن، وافق
ذاك المدير على مضض على إنشاء حضانة ولكن ليس في منشأته. قابلت مدير المنشأة
الثانية الذي قال لها ينبغي على الأمهات اللواتي يرغبن بالإنجاب المكوث بالمنزل
والعناية بأطفالهن وأسرتهن وعلى الرجل السعي والإنفاق على أسرته فأجابته أن تلك
الأمهات تابعن دراستهن وتحصيل حاصل لذلك أن يعملن وهن يساعدن أزواجهن في الإنفاق
وبأن القانون منح الأمهات العاملات هذا الحق وافق المدير الثاني على مضض على إنشاء
حضانة . أما المدير الثالث فقال سوف أحاول التعاون معكن بإيجاد مكان للحضانة وقد
وفى هذا المدير بوعده وأعطى غرفتين من منشأته حيث تكفلت الوزارة المعنية بنفقات
فصل تلك الغرف عن المنشأة وبعد ذلك تكفلت كل منشأة بشراء التجهيزات اللازمة
للحضانة. وتم إنشاء الحضانة بفضل عزيمتها وإصرارها وصبرها ومحبتها لزميلاتها
العاملات وهذا كان انتصار كبير للأمهات العاملات.

 

 

ما الذي تختزله ذاكرة الأم عند وداع أبنائها؟ 

اضطررنا للسفر أنا وزوجي لمدّة أسبوع إلى مدينة حلب، نظراً لمرض شديد
ألمّ بقريبة زوجي للإطمئنان عن أحوالها. إنّها أصعب وأقسى لحظات على الأم عندما
تودع أبناءها، وتسافر إلى مكان أو مدينة أخرى بعيدةً عنهم. تحتفظ دائماً بأغلى
وأعذب الذكريات عنهم ولو بدر منهم أي تصرّف مزعج، فالقلب العامر بالحب يتذكر
الأيام الحلوة التي عشناها سوّية
وخاصة عندما ذهبت أسرتنا المؤلفة من خمسة أفراد أنا وزوجي وأولادي في الصيف
الماضي إلى شاطئ البحر لقضاء العطلة

الصيفية وتسابقت مع ابني الغالي بالسباحة
فسبقني، أو عندما كنّا نستيقظ صباحاً فيركض أولادنا إلى شاطئ البحر ليسبحوا ثمّ
يشعرون بالجوع فيعودوا إلى الشاليه جائعين فيأكلوا، ويستأنفوا السباحة من جديد.
ابنتي الصغرى ذات قلب شجاع لا تخاف أبداً. كان عمرها سنتين عندما كنا في اللاذقية
نقضي إجازتنا هناك ، كنا أنا وزوجي ننتبه للأولاد أثناء سباحتهم عندما جاءت موجة
فقلبت صغيرتنا فأصبح رأسها للأسفل مغروزاً في رمال الشاطئ ورجلاها إلى الأعلى،
فحملها أبوها وأخذ يغسل رأسها بماء البحر ثم أجلسها على الرمال،  وأخذنا نتحادث أنا وزوجي لوهلة من الزمن ثمّ
أدرنا رؤوسنا، أين صغيرتنا؟ وإذا بها تسبح من جديد ونحن الذين ظننا أنها سوف تخاف
من السباحة مرّة أخرى. أما عندما أخذتها في دمشق (وكان عمرها آنذاك خمس سنوات)
لمسبح السيدات فقد صعدت إلى أعلى منصة( رنغ) ورمت بنفسها إلى الماء وحول جسدها
النحيل دولاب السباحة فوقع الدولاب قبلها في الماء بجهة ووقعت هي في جهة ثانية،
فركضت وألقيت بنفسي بالماء لإنقاذها فإذا بي أشعر بيد المنقذة تدفعني جانباً لتنقذ
ابنتي الحبيبة وتحملها خارج الماء. وعندما ذهبنا إلى قرية عرنة الجيلية الواقعة في
جنوب سورية كان أولادي مفتونين بالطبيعة فأخذوا يلتقطون الصور للمناظر الخلاّبة. عندما
مرضت ذات مرّة قامت ابنتي الكبرى بجميع أعباء المنزل، وكان ابني وقتها يجلب
الأغراض التي نحتاجها بالتعاون مع أبيه. عندما اندلعت الحرب في لبنان قامت ابنتي
الكبرى وابني بخدمات للنازحين اللبنانيين (مثل الأغلبية الساحقة من شبابنا السوريين)
وبالتعاون مع والدتي العضوة في منظمة الهلال الأحمر السوري، فكانوا يوزعون
المساعدات الآتية من منظمة الهلال الأحمر السوري على النازحين اللبنانيين ويأخذوا
المرضى منهم للتداوي لدى الأطباء المختصين، كما افتتحوا لأطفال النازحين اللبنانيين
صفوفاً من أجل اللعب معهم وتسليتهم فكانوا يعطوهم دفاتراً للرسم والتلوين من أجل
أن يعبروا عمّا يخالجهم تجاه تلك الحرب، وكان ابني يلعب مع الصبية الصغار لكي
لايشعروا بالغربة ولكي لايلعبوا بالشمس. أولادي كالأشجار الدائمة الخضرة، دائما
لديهم الجديد بالمفاجآت والنكات والضحك والمرح إنهم كأشجار الزيتون تجود أينما زرعناها
في كل تربة وفي كل مناخ في بلادي الحبيبة.   

 

 

اترك ردّاً