أحبك ياأمي

أحبك
ياأمي

بقلم: أمل صيداوي

كان يا ما كان بسالف العصر والأوان طفلة اسمها ندى وكانت لاتحب والدتها لأنها تتضايق من نصائحها: ندى نامي باكراً! ندى اكتبي واجباتك! ندى
رتبي سريرك!. 
وعندما كانت ندى تسمع كلام أمها مرغمة وتنام باكراً أوترتب سريرها
أوتكتب واجباتها كان غضبها وعدم محبتها لأمها يزدادان يوماً بعد يوم وتتمنى لو أن
لديها والدة أخرى تتركها تتصرف على سجيتها ولاترهقها بالنصائح والإرشادات، رغم
كل ماسلف كانت الأم تتفانى في خدمة أسرتها وتحاول أن تستوعب حالات التمرّد وعدم
الرضوخ لنصائحها من طرف ابنتها ندى ولاتلجأ أبداً لتقريعها أوالصراخ في وجهها بل
تحاول إقناع ندى بالحسنى بأن هذا لمصلحتها وأنها عندما تكبر سوف تعلم أن والدتها
كانت على صواب. عندما كانت ندى تقوم بترتيب سريرها أوبحفظ دروسها فتتفوق في
صفها  فإن والدتها لاتنسى مكافأتها بالذهاب معاً في نزهة وشراء ألعاب حلوة
لها والقيام بمديحها أمام الأهل والأقرباء والجيران والأصدقاء
.

كانت والدة ندى تعمل كمهندسة مدنية وكان عملها يتطلب
منها السفر إلى محافظات أخرى في بعض الأحيان.

وفي يوم من الأيام اضطرت الأم للسفر في مهمة عمل وبقيت
ندى مع أبيها وكانت مسرورة في بادئ الأمر سوف تخلد للنوم في وقت متأخر ولن تضطر
لكتابة واجباتها أو ترتيب سريرها لأن أباها لايحاسبها على ذلك ولاينصحها، وفعلاً
كان للطفلة ندى ماأرادت فخلال الليلة الأولى من ذهاب والدتها خلدت للنوم في ساعة
متأخرة ولم تكتب واجباتها المدرسية
.

في صباح اليوم الثاني رنّ جرس الهاتف في المنزل فردّ
الأب الذي بدأت ملامحه تتبدل وبدأ وجهه بالشحوب، بعد الانتهاء من المكالمة استدار
الأب ناحية ابنته وقال لها لقد اصطدمت سيارة المهمة التي تقلّ والدتك بسيارة أخرى
وأسفر هذا الحادث عن إصابة والدتك بكسور وجروح بليغة وسوف تبقى في المستشفى فترة طويلة
وقد نضطر خلالها إلى الاستعانة بمربية للعناية بك وبالمنزل. 
عندما حضرت المربية
للمساعدة أحسّت ندى أن تغيّراً سوف يطرأ على حياتها فقد كانت هذه المربية تنتقد
ندى وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة وشعرت ندى بالفرق الكبير بين أمها والمربية فقد
كانت أمها تسامحها دائماً على إهمالها وتحاول إرشادها بالحسنى ولم تكن قاسية
معها أبداً في الكلام بينما كانت المربية لاتتهاون معها ولاترتسم على شفاهها بسمة
الرضى كوالدتها حينما كانت ندى تقوم بعمل جيد. أدركت ندى أنها أخطأت بحق أمها وذلك
بعدم الأحساس بالمحبة تجاهها وندمت على تصرفاتها حيال والدتها لأنها تعلّمت بعد
تلك التجربة المرّة مع المربية درساً لن تنساه في حياتها أبداً بأن والدتها على حق
في كل نصائحها فقد كانت تسعى دائماً ومن خلال إسداء النصائح لها إلى دفعها إلى
الأمام في مجال السمو بأخلاقها وعلمها وعملها كي يكون لها مستقبلاً باهراً وحياة
سعيدة. بدأت ندى تغيّر سلوكها وتحاول تنفيذ كل نصيحة أسدتها إليها والدتها. أصبحت
ندى فتاة مجتهدة في دراستها ونشيطة في منزلها ترتب سريرها وتنام باكراً واشتاقت
لوالدتها كثيراً. 
أخيراً تحسنت صحة والدة ندى وسمح  الأطباء لأسرتها بزيارتها في المستشفى. انطلق
والد ندى يقود سيارته بصحبة ابنته لزيارة الأم وطوال طريق السفر كانت تتوالى الذكريات
في صور كشريط سينمائي في ذاكرة ندى. تذكرت ندى أن والدتها كانت دائمة الاهتمام بها
تستذكر لها دروسها وتعلّمها  مبادئ الصدق والأمانة وعمل الخير ومساعدة
الفقراء، كما كانت تقوم بتوعيتها دائماً حول أهمية العلم والأخلاق في حياة
الإنسان. 
عند وصولهم للمستشفى وصعودهم للغرفة التي توجد فيها والدة ندى ركضت ندى
وارتمت في أحضان والدتها وبكت نادمة على جميع تصرفاتها وقبلّت أمها وقالت لها:
أحبك ياأمي تعافي بسرعة وعودي إلينا نحن في أمس الحاجة إليكِ.
 

اترك ردّاً